أكّد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") أنّ الذهاب إلى العراق بدعوى الجهاد يُعَدّ نوعًا من الوهم، مشيرًا إلى أنَّ الشـباب الذين يدخلون العراق من غير أهلها هم ضرر على العراق.
جاء ذلك تعقيبًا على رسالة أرسلها شابان عراقيان هما: عثمان صالح (23 عامًا)، و ومعاذ صالح (22 عامًا)، في حلقة أمس الجمعة من برنامج "الحياة كلمة"، والذي يبثّ على فضائية mbc ، والتي جاءت تحت عنوان "أحلام"، تقول: "أرجوك يا شيخ أن توصِّل هذه الرسالة إلى كل من تُحدِّثه نفسه بالقدوم إلى العراق أن يعدل عن قراره؛ لأن هذا البلد قد عمَّته الفتنة، فقد لا يسلم من خيانة المنافقين، أو من الخوض في دماء المسلمين، أما نحن فقد حسبنا ذممنا من الدم الحرام، ولا نرَى نتيجة لذلك إلا المَنيَّة وقد شدَّت حبائلها علينا فقد عزَّ الناصر والمعين، فادعُ المولَى أن يتقبلنا أو يفرِّج علينا".
أحلام وهمية
وعقَّب الشيخ سلمان على هذه الرسالة، قائلاً: إنَّ هذا شيء يُدْمِي الفؤاد، فهذه من الأحلام الوهمية التي تضلّ أصحابها، فكثيرًا ما نسمع بعض الناس كانوا يتحدثون خلال فترة طويلة عن قضية الدولة الإسلامية في العراق، وكأن هذه الأوضاع السيئة جعلت العالم أقرب وأفضل إلى أن يتقبل بفكرة وجود دولة إسلامية في قرية أو في مدينة.
وأضاف فضيلته: إنّه نتيجة لذلك ضاعت البوصلة وقتَل الناس بعضهم بعضًا وفقدوا القدر الطبيعي البسيط من السكن والأمان والحاجات الضرورية من الصلاة وطلب العلم، فضلاً عن هجرة المبدعين إلى خارج البلاد، مما يشكِّل مأساة عقلية دامية.
وتابع الدكتور العودة: هذان الشابان- نسأل الله أن يحفظهما ويحفظ شباب العراق وشباب المسلمين في كل مكان- يجدان أمامهما الطريق مسدودًا، ومع ذلك فإن الأحلام يجب أن تظلّ قائمة وأن يستعينوا بالله- عز وجل- ولا يعجزوا، وأن يتوكلوا على الله- عز وجل- {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].
تحذير مبكر
( دعوا العراق لأهل العراق)
وكان الشيخ سلمان من أوائل الذين حذّروا الشباب من الذهاب إلى العراق، وقال- في حوار مع جريدة "الرأي الكويتية " قبل ثلاثة أعوام-: نحن لا نرى أن يذهب أحد إلى العراق إطلاقًا حتى وإن كان ما كان وضع العراق، فنحن ضدّ ذهاب أي إنسان من خارج العراق إلى العراق، ولكن دَعُوا العراق لأهل العراق.
وأضاف فضيلته: إن الشـباب الذين يدخلون العراق من غير أهلها هم ضرر على العراق، بل هم ضرر على الإسلام أيضًا، شاءوا أم لم يشاءوا، أرادوا أم لم يريدوا، مهما كانت مقاصد أو نيات بعضهم، فنحن ضدّ ذهاب الشباب إلى العراق كما كنا ضد ذهاب الشباب إلى أفغانستان؛ لأن الإنسان الذي يشتغل أو يعمل في غير بلده، وخصوصًا في مجال الحرب، سيكون بعيدًا عن مشاعر أهل البلد وأحاسيسهم وطباعهم، وهو غريب عليهم فكيف يقاتل بالنيابة عنهم ولا يعرف أوضاعهم؟ وكيف يتولَّى عنهم أقدس وأعظم مهمة؟
فتاوى.. ونُصْرة
وأردف الدكتور العودة: ولذلك فإن جميع الفتاوى التي قِيلت من علماء المسلمين في شأن المقاومة في العراق تخصّ شعب العراق، وهذه المقاومة لم يقل أحد منهم قطّ- فيما أعلم- إن العراق ولا حتى فلسطين ولا غيرها، يجب أن يكون بلدًا مفتوحًا يتنادى إليه الناس من كل مكان.
وأكّد فضيلته أن النصرة لا تكون بالذهاب إلى هناك، فمن يذهب فسيضرّ شعب العراق أراد أو لم يُرِد، فما يحدث الآن في العراق جزء من المشكلة فيه هي المجموعات الشبابية التي قدمت إلى العراق من خارجه، مشيرًا إلى أن بعض هؤلاء الشباب حُدَثاء عهد بالتزام، وبعضهم غير متعلم، وأكثرهم غير فقهاء ولا علماء بسنن الله تعالى في الكون، وبالتالِي يصبح هناك قتل للعراقيين أحيانًا، وتشجيع على الحرب الأهلية، وبعض الشباب يقتلون من يختلف معهم، وقد حدث أن بعضهم قتلوا خطباء، وبعضهم قتلوا زملاء لهم، وبعضهم يقتلون على الهوية كذلك.
وكان قد أصدر الشيخ سلمان العودة فتوى قبل 7 أعوام في مسألة الذهاب إلى العراق للجهاد، وقد فصل فيها رأيه على هذا الرابط:
هل نذهب إلى العراق؟