يثور جدل حاليا في مصر حول مصير حكومة شريف إسماعيل، إذ تتصاعد المطالب الداعية إلى إزاحتها كليا من المشهد، والإتيان بحكومة جديدة، بعد أن أخفقت في ما أسند إليها من مهام، وأعباء، وأثارت قدرا كبيرا من الغضب الشعبي، في مقابل أصوات أخرى ترى أنه يكفي تغيير وزرائها ذوي الأداء الضعيف، استنادا إلى أن برنامحها هو الأهم.
هذا الجدل انتقل إلى أروقة مجلس النواب، وتناول بمقتتضاه النواب مدى الموافقة على برنامج الحكومة من عدمه، لا سيما أنه سوف يُعرض على النواب يوم 27 آذار/ مارس الجاري، كي يتم حسم مصيرها، سواء ببقائها وإعادة تجديد الثقة فيها، أو إزاحتها من المشهد كليا.
اتفاق حزبي على بقاء الحكومة
وقد اتفقت الأغلبية البرلمانية، التي يُشكلها تحالف "دعم مصر"، (ظهير الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في البرلمان)، والأحزاب المكونة له، على اتخاذ موقف واحد إزاء هذه المسألة، هو إعادة تجديد الثقة في الحكومة.
في الوقت نفسه يُذكر أن هناك بعض الأصوات، في التحالف، لديها رغبة في تغيير بعض الحقائب الوزراية في وقت لاحق، فيما أعلن عدد من النواب الشباب رفضهم لأداء الحكومة أصلا، وذلك في محاولة للتعبير عن وجهة نظر الشارع، والاقتراب منه.
و"النور" يدعو لعدم رحيلها!
كان غريبا من "حزب النور"، ذي الاتجاه السلفي - الذي افتعل خصومة شديدة أيام حكم الرئيس محمد مرسي مع حكومة هشام قنديل، مطالبا برحيلها - أن يرفض رحيل حكومة شريف إسماعيل، ويرضى بأدائها، ويدعو لبقائها، خلافا للتوجه الشعبي!
وفي تبرير هذا الموقف، صرح رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أحمد خليل خيرالله، بأن النواب يجب ألا يتعاملوا مع الحكومة مثل المواطن العادي حتى في ظل عدم الرضا من قبل شريحة كبيرة من المواطنين، زاعما أنه لأول مرة يوجد برلمان حقيقي دوره تفسير وتحليل كل جزء من بيان الحكومة داخل لجانه، ثم يُقرر بعدها موقف النواب، بحسب زعمه.
وأشار إلى أن "النور" وضع أربعة محاور لتقييم برنامج الحكومة، أولا: أهداف الحكومة الفترة القادمة.. هل تصب في صالح المواطن أم لا، ثانيا: هل تمتلك الحكومة موارد كافية لتنفيذ هذه الأهداف أم لا، ثالثا: وضع برنامج زمني لتطبيق الأهداف، ودراسته إذا كان مناسبا من عدمه، والرابع هو المعايير التي على أساسها يُقاس نجاح البرنامج من عدمه.
والأمر هكذا، طالب نائب "النور" النواب بعدم التسرع، وإعلان رفضهم إعلاميا لبيان الحكومة قبل تقديمه، وتقييمه جيدا، مشيرا - في الوقت نفسه - إلى أن الاتجاه الأغلب هو أن البرلمان سيوافق على برنامج الحكومة، بحيث يكون ذلك نقطة بداية لإجراء بعض التغييرات في الحقائب الوزارية، حسبما قال.
نور الدين: حكومة فاشلة تنتظر تغييرها
وفي المقابل، رأى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نورالدين، أنه لابد من تغيير حكومي كامل، بعد الانهيار الاقتصادي الذي وصلت له مصر، على حد قوله.
وقال - في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"-: "مطلوب تغيير حكومي كامل، الحكومة التي تراجع معها الإقتصاد المصري، وانهار الجنيه، وخسرت تعاطف 7 ملايين موظف، ونالت سخط الفلاحين، وتسببت في الغلاء، ورفعت الأسعار، وخابت في مباحثات النيل، وزادت معها الديون والقروض، لا يمكن أن تأخذ بيد مصر إلى التنمية الاقتصادية"، على حد له.
وأضاف "نورالدين": "مطلوب حكومة جديدة بالكامل من أصحاب العلم والرؤية، والعالمين بمتطلبات التنمية والنهضة، والقادرين على إحداث إنجاز من اليوم الأول، والبعيدين عن الكذب وعدم الشفافية والوعود الكاذبة، والقادرين على حصول الحكومة على رضا الشعب في مختلف المستويات، والقادرين على الإضافة للكرسي الوزاري، وليس الاستفادة من عائداته، والحصول على اللقب".
وتوجه - في ختام تدوينته - بالنصيحة قائلا: "من أفسد لا يمكن أن يصلح، وإلا كان أصلح خلال العامين المنقضيين.. نحتاج أحيانا إلى اتخاذ قرارات صعبة، ربما تكون مصيرية، وبلا بديل"، على حد قوله.
تأشيرات الحكومة.. هل هي رشاوى؟
هذا ما انتقدته الإعلامية، رانيا بدوي، في برنامجها "القاهرة اليوم"، عبر شبكة أوربت، إذ أشارت إلى قيام رئيس الوزراء بمقابلة العديد من النواب خلال الفترة الماضية لسماع شكاوى دوائرهم، وأنه ترددت أخبار عن أنه عرض عليهم برنامج الحكومة، وشرح لهم بعض التفاصيل به.
وقد علقت "بدوي" على ذلك متسائلة: "هل يجوز لرئيس الوزراء - قانونيا ودستوريا - أن يتحدث مع بعض النواب في ذلك قبل عرض برنامج الحكومة
أمام مجلس النواب!
وأضافت: "ناهيك أن كل هذه اللقاءات يعرض فيها النواب طلبات دوائرهم، ويؤشر عليها رئيس الوزراء، ويحيل بعضها إلي الوزراء المعنيين، وما كشف هذا الأمر هو شكوي بعض النواب من عدم تنفيذ بعض طلباتهم، التي أشر عليها رئيس الوزراء بالموافقة".
وحذرت من أن البعض قد يرى أنه من واجب النائب أن يرعى مصالح دائرته، ولكن علي صعيد آخر: هل يجوز للحكومة أن تعطي تأشيرات للنواب كنوع من الرشاوى - إذا جاز التعبير - قبل أن تعرض برنامجها علي البرلمان؟!
وأضافت أن نتيجة ذلك ستكون أن النواب لن يستطيعوا أن رفضوا أو يعترضوا أو ينتقدوا أداء الحكومة لأنها سبق وأعطته تسهيلات وخدمات لأهل دوائرهم، وبالتالي سيوافق النواب علي برنامج الحكومة دون أي اعتراض؟، على حد قولها.
فقيه دستوري: موافقة البرلمان وإلا الحل
وغير بعيد، أكد الفقيه الدستوري، شوقي السيد، أنه في حالة عدم تجديد الثقة لحكومة شريف إسماعيل، سيتجه الحائزون لأكثرية المقاعد لترشيح رئيس للوزراء جديد ثم يعود ليعرض برنامج الحكومة فإذا لم يوافق المجلس، ولم يمنح الثقة له سيكون البرلمان منحلا بقوة القانون!
ونصح السيد - في تصريحات صحفية - نواب البرلمان بمناقشة البرنامج الحكومة بقوة ودقة وموضوعية حتى يتفهمه بالشكل الذي سيمكنه من مراقبة تنفيذه، مشيرا إلى أن البرلمان الموافقة في المرة الأولى حتى لا يفرض عليه، ويجبر على الموافقة في الثانيةّ، بحسب وصفه!
تعديل وزاري على الأبواب
إلى ذلك تتجه الأنظار خلال الفترة القليلة المقبلة تجاه الحكومة وسط حالة من الترقب لوجود تعديلات وزارية جديدة، وما يتعلق بهذا الأمر من تصريحات وأنباء متضاربة سواء بتأكيد اتجاه شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لإجراء بعض التعديلات الوزارية من عدمه، تزامنا مع استعداد الحكومة الحالية لعرض برنامجها أمام مجلس النواب، تجاوزا للغضب الشعبي المتراكم منها، والموجه نحوها.
وقد تلقت الأجهزة الرقابية ملفات 21 شخصية لفحصها، واختيار 13 وزيرا من بينها، خاصة أن التغيير الوزاري يشمل حتى اللحظة وزراء في المجموعة الاقتصادية والخدمية، ومن أبرزهم: وزراء الصحة، التربية والتعليم، النقل، الاستثمار، التجارة والصناعة، السياحة، الموارد المائية والري، الآثار، البيئة، المالية، التنمية المحلية، الأوقاف، والعدل.
ومن وزراء حكومة شريف، التي تضم 33 وزيرا، أصبح مؤكدا بقاء نحو 20 وزيرا، منهم وزراء الحقائب السيادية، وعلى رأسها: وزارات الدفاع والخارجية والداخلية والإنتاج الحربي والتعاون الدولي.
ويعزو مراقبون السبب في التعجل بالتغيير الوزاري إلى المادة 147 من دستور 2014، التي تنص على إعفاء الحكومة من أداء عملها عقب موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو إجراء تعديل وزاري بموافقتهم، وهو ما يتطلب تشكيلا حكوميا جديدا.