دعا حقوقيون ونشطاء في مصر إلى معاقبة "شاهد الزور" في قضية مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"، الذي أطلقت النيابة صراحه الأربعاء، والإعلامي أحمد موسى، الذي استضافه ببرنامجه، وتولى تسويق شهادته الكاذبة، في وقت برر فيه الشاهد شهادته "الزور" بأنه "أحب أن يخدم بلده بشهادته"، وهو ما اعتبره النشطاء: "إساءة جديدة إلى سمعة مصر".
عاقبوا "شاهد الزور"
في البداية، أكد رئيس ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، سعيد عبدالحافظ، أن واقعة شاهد الزور في قضية مقتل جوليو ريجيني، ستعطي انطباعا سلبيا عن أداء المؤسسات في مصر.
وأضاف "عبدالحافظ" - في تصريحات صحفية الخميس - أنه لا يجوز لدولة بحجم مصر أن يستخف بها أحد، مطالبا بمعاقبة شاهد الزور على ذلك.
وتابع أن الإعلامي أحمد موسى مدين بالاعتذار للمصريين، والاعتراف بخطئه المهني الفادح، لأنه أسهم في ظهور هذا الشخص، وروج لزيف أقواله.
ومن جهته، رأى الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يسري العزباوي، في تصريحات صحفية، أن اكتشاف النيابة لشاهد الزور في قضية الطالب الإيطالي أمر جيد، لكن هذا الأمر ليس بالكافي، إذ "نحتاج للوصول إلى الحقيقة في أقرب وقت ممكن، بكل شفافية، وليس بتكثيف الأوراق"، بحسب قوله.
أوقفوا "أحمد موسى"
في سياق متصل، احتل وسم (هاشتاج) "#أوقفوا_أحمد_موسى" على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، الصدارة على قائمة "الهاشتاجات" الأعلى تداولا في مصر، صباح الخميس.
وطالب نشطاء - شاركوا بالآلاف في الهاشتاج - بوقف موسى عن العمل، ومقاطعة قناة "صدى البلد"، التي تبث برنامجه اليومي "على مسؤوليتي".
وتأتي حملة النشطاء على "موسى" لسببين، حسبما قالوا، أولهما استضافته شاهد الزور، في برنامجه، حيث حاوره على أنه شاهد الطالب القتيل يتشاجر مع أحد أصدقائه قبل اختفائه بيوم أمام القنصلية الإيطالية.
أما السبب الثاني فهو وصفه محافظة الشرقية بأنها معقل الإرهاب، ما دعا المحامي شادي عبداللطيف، للتقدم، بصفته من أبناء المحافظة، الأربعاء، ببلاغ للنائب العام يتهمه فيه بنشر أخبار كاذبة، من شأنها تكدير السلم العام، والإضرار بمصلحة البلاد.
شهادة "موسى" الكاذبة وإساءته للسفير الإيطالي
وكان موسى قال في برنامجه إن لديه معلومات عن وجود شاهد مصري في قضية اختفاء الشاب الإيطالى، قبل العثور عليه مقتولا، مؤكدا، بدون تحفظ، أن الشاهد شاهد ريجيني يتشاجر مع زميله الإيطالي، خلف القنصلية الإيطالية يوم 24 كانون الثاني/ يناير الماضي، أي قبل اختفائه بيوم.
وأضاف "موسى"، خلال برنامجه، أن القنصلية الإيطالية رصدت هذه المشاجرة بكاميرات المراقبة حولها، ولم تتعاون مع أجهزة التحقيق المصرية، ولم تبلغ عن هذا الفيديو.
وتحدى موسى السفير الإيطالي في القاهرة، أن يكذب هذه المعلومات، أو ينفي وجود فيديو لديه، يرصد مشاجرة ريجيني مع شاب إيطالي آخر، قبل اختفائه بيوم واحد، مناشدا السفير الإيطالي أن يطلع الإعلام الإيطالي والأوروبي على حقائق واقعة مقتل ريجيني(!).
واتهم موسى السفير الإيطالي بأنه "لا يحترم التقاليد، والأعراف الدبلوماسية، ويلتقي ببعض الإعلاميين والكتاب الذين يعملون ضد الوطن".
وأردف: "لغز اختفاء مقتل ريجيني، واختفاؤه اتحل خلاص، وهناك من يسعى لإثارة الرأي العام، وافتعال المشاكل، ومن يسعى لإحداث خلافات بين مصر وإيطاليا هو من يقف خلف تفجير القنصلية الإيطالية، وقد يكونون هم نفس الأشخاص خلف اختفاء ريجيني، وقد يكون ريجيني وصديقه متورطين في تفجير القنصلية" (!)
النيابة تثبت كذب روايته.. وتطلق سراحه!
من جهتها، صرفت نيابة حوادث جنوب الجيزة، الشاهد الذى ثبت زور شهادته، من مقر النيابة، الأربعاء، بعد ثبوت زيف ادعائه بمشاهدة المجني عليه يوم 24 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وكانت النيابة استدعت الشاهد، واسمه "محمد فوزي"، مساء الثلاثاء، لسماع أقواله مجددا، خاصة بعد ترويجه أحاديث مغايرة في برنامج أحمد موسى، عن التى قالها في التحقيقات بشأن عرض النيابة له 200 صورة لأصدقاء المجني عليه، وأنه تعرف منها على صورة الشخص الأجنبي الذي تشاجر مع المجني عليه.
وتوجهت النيابة بالشاهد إلى محيط القنصلية الإيطالية لتحديد مكان رؤيته للواقعة، ولدى سؤاله عن المكان والزمان تضارب ذلك مع ما جاء بالتحقيقات، فقامت النيابة بعمل تتبع لهاتفه المحمول، الذي أثبت عدم وجوده من الأساس في محيط القنصلية، وأنه لم يغادر منزله!
وعندما واجهت النيابة الشاهد بزيف شهادته، وسألته عن سبب إدلائه بشهادته تلك، أجاب: "حبيت أساعد بلدي"(!).
أما ما أثار دهشة المراقبين أكثر فهو قيام النيابة بإطلاق سراحه، وعدم اتهامه بتزوير الحقيقة، وتضليل العدالة (!)، ما فسره البعض بأنه ليس سوى أداة لجهاز "الأمن الوطني" (أمن الدولة المنحل سابقا)، الذي تشير أصابع الاتهام إليه باعتباره المتهم الأول في قضية اختطاف ريجيني، وتعذيبه، وقتله، ثم رميه في الصحراء.