الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما تعاني منه –أخي الكريم- هو اضطراب الوسواس القهري، وهو عبارة عن مجموعة من الأفكار التسلطية التي تسيطر على عقل المريض، وتلح عليه إلحاحًا شديدًا على الرغم من إدراك المريض لسخافتها وعدم معقوليتها، وتسبب هذه الأفكار قلقًا شديدًا لأن محتواها يحتوي غالبا على تهديد بالخطر، أو يتنافى مع معتقدات المريض، ولهذا فإن المريض يحاول مقاومة هذه الأفكار على أمل السيطرة عليها، لكنها لا تزداد إلا شدة، وترتبط هذه الأفكار بمجموعة من السلوكيات التي يجد المريض نفسه مدفوعا للقيام بها نظرًا لأنها تؤدي إلى التقليل من حدة القلق، ولكن كلما كرَّر المريض هذه الأفعال القهرية كلما زادت حدة الأفكار، وهكذا يدور المريض في هذه الدائرة المفرغة ما بين إلحاح الأفكار، فالأفعال القهرية للسيطرة على الأفكار، فالمزيد من إلحاح الأفكار.
ولاضطراب الوسواس القهري أسباب عضوية، حيث ينشأ نتيجة لنقص بعض الموصلات العصبية في المخ، مثل مادة السيروتونين في بعض مراكز المخ، كما أن له استعدادًا وراثيًا حيث ينتشر في العائلات، وأفضل علاج للوسواس القهري هو المزيج بين العلاج الدوائي بهدف إحداث التوازن في مستوي الموصلات العصبية في المخ والعلاج المعرفي السلوكي، وتعتمد فكرة العلاج المعرفي السلوكي على كسر الدائرة سابقة الذكر، وذلك عن طريق التعرض للمواقف التي تثير الأفكار الوسواسية مع عدم الاستجابة بفعل الأفعال القهرية، والذي لا يعلمه المريض أن القلق يختفي بعد فترة بمفرده، ثم يتلو ذلك اختفاء الأفكار الوسواسية، ويتم ذلك بصورة تدريجية تصاعديا تبعا لمستوى القلق حتى يستطيع المريض تحمل العلاج، وكلما كرر المريض التعرض مع منع الاستجابة كلما أدى ذلك إلى سرعة التخلص من الأفكار الوسواسية.. ونصحك بمراجعة الاستشارات الأخرى المتعلقة بالوسواس القهري فقد تجد فيها بعض التفصيل.
وفقك الله إلى ما يرضيه والسلام عليكم ورحمة الله.