الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما وقعت فيه إثم كبير، وجرم عظيم، يقول الإمام أحمد –رحمه الله-: "لا أعلم ذنباً أعظم بعد الشرك، وقتل النفس من الزنا"، ولذا قرنه الله بهما في كتابه: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً" [الفرقان:68].
يجب أن تشعر بحرقة الذنب، وألم المنكر، بل وبشاعته، ويجب أن تشعر كذلك بوخزة الضمير على التناقض الذي تعيشه؛ فأنت قدوة؛ كنت تؤم الناس، وتخطب فيهم، وتعظهم... لكن يجب ألا يصل بك هذا الشعور إلى حد القنوط واليأس من رحمة الله، فإياك أن يظفر الشيطان منك بهذه، فترتكب خطيئتك، ليست الثانية (القنوط من رحمة الله) بأهون من الأولى (الوقوع في الفاحشة)، فالله أمر نبيه أن يدعو عباده إلى الأوبة إليه غير قانطين ولا يائسين: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" [الزمر:53].
إنه ليس بينك وبين رحمة الله إلا أن تلج ظلال التوبة، فتتفيأ ظلالها، وتتقي به عذاب الله ومقته.
إن هذا الشعور يجب أن تشعره؛ لأنه أول خطوة للتصحيح، فما التوبة إلا ندم يعقبه إصلاح للحال، وتكفير للخطيئة بالإكثار من عمل الصالحات، ولذا كثيراً ما يقرن الله التوبة بعمل الصالحات؛ كقوله: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً.." [الفرقان:68-69]، وكقوله: "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً..." [مريم:59-60]، وكقوله: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"، [آل عمران:89]، وكقوله: "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين" [القصص:67]، وكقوله: "إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم" [البقرة:160].
وما أحدث عبد ذنباً إلا وجعل الله له إلى التوبة مخرجاً ميسراً، ولو كانت التوبة معجزة أحداً أن يسلك سبيلها لكان الله قد كلف عباده ما لا طاقة به،والله –سبحانه- منزه عن ذلك أعظم التنزيه.
فخذ بأسباب الهداية، واستعن بالله، ثم بما يعينك على عدم العود إلى سابق عهدك، والزم صحبة صالحة تعينك على طاعة الله، وتملأ قلبك من محبته وخشيته، وابتعد عن مواطن الفساد والفتنة، وطهر بيتك من مهيجات الفتنة، ومن مرئيات السوء والفحشاء.
وقاك الله شر نفسك وشر الشيطان وشركه، وصلى لله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|