الجهاد 1/7

 

أصبح موضوع الجهاد موضوعاً ذا صبغة عالمية في التناول والتداول، وكثر الطّرق حوله باتجاهات متناقضة متعارضة.

فثمت طرف دولي يعتبر الجهاد رديفاً للإرهاب، ثم يحاول أن ينأى بالإسلام عن هذا المعنى؛ ليفرغ الإسلام من قدرته في المقاومة والممانعة، أو يحاول أن يلصق بالإسلام تهمة الإرهاب.

إن تصوير الإسلام على أنه دين وديع لا يملك القدرة على الدفاع، ولا يحشد أتباعه في مقارعة الباطل، ولا يملك أدوات التجييش عند الضرورة لهو مجانبة للحق، خاصة في هذه الغابة المتشابكة من المصالح والصراعات.

كما أن وصم – الإسلام- بالعنف والدموية والتعطش للقتل وإشاعة الكراهية هو ظلم وجناية ومجافاة للموضوعية.

وثمت أطراف إسلامية يحملها الحماس على تناول موضوع الجهاد وفق واقع محدد، فيتم تنـزيل المفهوم الشرعي على هذا الواقع، ويكون الانطباع بالوضع القائم أكثر من الانطباع بالرؤية الشرعية والتاريخية.

وإزاء هذا الاشتباك يكون الوصول إلى الحقيقة أمراً صعباً، لأن الذي يريد أن يصل إلى الحقيقة عليه أن يتجرد.

وكيف يتجرد من تحاصره وسائل الإعلام بإيحاءاتها السلبية، وتخنقه الأحداث العالمية بتعقيداتها وأحاديثها واستفزازها المستديم؟!

والموضوع يستوجب المصداقية والوضوح والإخلاص والتقوى.

والواجب على المسلم أن يراعي فيما يقوله رضا الله لا رضا الناس – من كانوا-، وأن يكون محتكمه إلى النصوص الشرعية ومعانيها الصحيحة، لا إلى المستقر في أذهان فئة من الناس، يصرون عليه ويغضبون له، ويرددونه دون رؤية ولا تأمل.

ليس مطلوباً منا لـيّ أعناق النصوص؛ لاسترضاء هذا الطرف أو ذاك، ولا أن نتعسف الأمور هرباً من تهمة الإرهاب عند قوم، أو من تهمة الخضوع للضغوط الدولية عند آخرين.

وكلما استطعنا أن نتعالى عن الظرف الآني السائد، وأن نقرأ الموضوع بأصالة وهدوء كنا أقرب إلى تلمس الحقيقة.

ومن المهم جداً التأكد من مشاعرنا القلبية، ومدى توافقها مع ما يريد الله وما يحب، ومن مفاهيمنا العقلية والمعرفية وتطبيقاتها العملية؛ لأن المرء قد يجد نفسه في طريق ما، ولا وقت لديه للتصحيح والمراجعة، وقد قال سبحانه:

" فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً" [النساء:65].

وصح في الحديث :"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (14)، والبيهقي في المدخل (209).

وأهواء الناس تختلف، فمنهم من هواه في اللين والرخاوة، ومنهم من هواه في الشدة والحزم، وتحقيق كمال الإيمان أن يكون الهوى تبعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا يقتضي عزل الهوى عن التأثير ما أمكن، ومطاردة آثاره، والكثيرون يدركون أثر الهوى في أحكام الآخرين، لكنهم أقل إدراكاً لأثر الهوى في أحكام أنفسهم.

تعليقات الفيسبوك

الآراء المنشورة لاتعبر عن رأي موقع الإسلام اليوم أو القائمين عليه.
علما بأن الموقع ينتهج طريقة "المراجعة بعد النشر" فيما يخص تعليقات الفيسبوك ، ويمكن إزالتها في حال الإبلاغ عنها من قبل المستخدمين من هنا .
مساحة التعليق تتسع لمناقشة الأفكار في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
  • - الهجوم على أشخاص أو هيئات.
  • - يحتوي كلمة لا تليق.
  • - الخروج عن مناقشة فكرة المقال تحديداً.

تعليقات الإسلام اليوم



تبقى لديك حرف
   

التعليقات

  1. 1- خضير
    03:57:00 2010/08/14 مساءً

    بارك الله فيك شيخنا الكريم!

  2. 2- توفيق البازلي
    06:02:00 2010/08/14 مساءً

    كلام في الصميم ، يوجب ضرورة التوازن ف تأطير الجهاد في الإطار الشرعي بعيدا عن ضغوط الأطراف المشرقة والمغربة ، لكنه كلام عام كالمقدمة في الموضوع . وأتمنى من الشيخ سلمان أن يدخل بعمق في الموضوع ويؤصل لنا تعريف الجهاد الشرعي وشروطه وأنواعه والقول في جهاد الطلب والدفع ومجالات تطبيقه ، وتفنيد الشبه المثاره حوله ، والإشارة لبعض الأفهام المغلوطة في الجهاد .

  3. 3- سارة
    05:54:00 2010/08/15 صباحاً

    جزاك الله كل خير يا شيخ وعندي شبهة لم أجد الرد المقنع لها حتى الآن: فتوحات المسلمين دائما يردون على هذه الشبهة بأن الحكمة منها إزالة العوائق التي تعيق الدعوة. وبصراحة هذا رد غير مقنع لأن أية دولة قوية إذا جاءها من يقول لها إما الإسلام أو الجزية أو القتال ستختار القتال حتما، وفي هذا القتال سيقتل جنود،ومعنى هذا أننا نشرنا الإسلام بالسيف. فما الرد على هذه الشبهة جزاكم الله خيرا،لأني أحس أن دراستها دراسة مفصلة سيقدم الكثير خاصة في هذا الزمان، وكم كنت أتمنى لو لدي القدرة على دراسة الموضوع لكني غير متخصصة.شكرا

  4. 4- المالكي
    08:24:00 2010/08/16 صباحاً

    وهى من أكثر الشبهات انتشارًا ، ونرد عليها بالتفصيل حتى نوضح الأمر حولها: يقول الله تعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }. إن هذا البيان القرآنى بإطاره الواسع الكبير ، الذى يشمل المكان كله فلا يختص بمكان دون مكان ، والزمان بأطواره المختلفة وأجياله المتعاقبة فلا يختص بزمان دون زمان ، والحالات كلها سلمها وحربها فلا يختص بحالة دون حالة ، والناس أجمعين مؤمنهم وكافرهم عربهم وعجمهم فلا يختص بفئة دون فئة ؛ ليجعل الإنسان مشدوها متأملاً فى عظمة التوصيف القرآنى لحقيقة نبوة سيد الأولين والآخرين ، ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) رحمة عامة شاملة ، تجلت مظاهرها فى كل موقف لرسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه الكون والناس من حوله. والجهاد فى الإسلام حرب مشروعة عند كل العقلاء من بنى البشر ، وهى من أنقى أنواع الحروب من جميع الجهات: 1- من ناحية الهدف. 2- من ناحية الأسلوب. 3- من ناحية الشروط والضوابط. 4- من ناحية الإنهاء والإيقاف. 5- من ناحية الآثار أو ما يترتب على هذه الحرب من نتائج. وهذا الأمر واضح تمام الوضوح فى جانبى التنظير والتطبيق فى دين الإسلام وعند المسلمين. وبالرغم من الوضوح الشديد لهذه الحقيقة ، إلا أن التعصب والتجاهل بحقيقة الدين الإسلامى الحنيف ، والإصرار على جعله طرفاً فى الصراع وموضوعاً للمحاربة ، أحدث لبساً شديداً فى هذا المفهوم ـ مفهوم الجهاد ـ عند المسلمين ، حتى شاع أن الإسلام قد انتشر بالسيف ، وأنه يدعو إلى الحرب وإلى العنف ، ويكفى فى الرد على هذه الحالة من الافتراء ، ما أمر الله به من العدل والإنصاف ، وعدم خلط الأوراق ، والبحث عن الحقيقة كما هى ، وعدم الافتراء على الآخرين ، حيث قال سبحانه فى كتابه العزيز: ( لِمَ تَلبِسُونَ الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ). ولقد فطن لبطلان هذا الادعاء كاتب غربى كبير هو توماس كارليل ، حيث قال فى كتابه " الأبطال وعبادة البطولة " ما ترجمته: " إن اتهامه ـ أى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ بالتعويل على السيف فى حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز فى الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس ، أو يستجيبوا له ، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين ، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها " . ويقول المؤرخ الفرنسى غوستاف لوبون فى كتابه " حضارة العرب " وهو يتحدث عن سر انتشار الإسلام فى عهده صلى الله عليه وسلم وفى عصور الفتوحات من بعده ـ: " قد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة ، ولم ينتشر الإسلام إذن بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها ، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التى قهرت العرب مؤخراً كالترك والمغول ، وبلغ القرآن من الانتشار فى الهند ـ التى لم يكن العرب فيها غير عابرى سبيل ـ ما زاد عدد المسلمين إلى خمسين مليون نفس فيها.. ولم يكن الإسلام أقل انتشاراً فى الصين التى لم يفتح العرب أى جزء منها قط ، وسترى فى فصل آخر سرعة الدعوة فيها ، ويزيد عدد مسلميها على عشرين مليونا فى الوقت الحاضر ". هذا وقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة عشر عاماً ، يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وقد كان نتاج هذه المرحلة أن دخل فى الإسلام خيار المسلمين من الأشراف وغيرهم ، وكان الداخلون أغلبهم من الفقراء ، ولم يكن لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثروة عظيمة يغرى بها هؤلاء الداخلين ، ولم يكن إلا الدعوة ، والدعوة وحدها ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تحمَّل المسلمون ـ لاسيما الفقراء والعبيد ومن لا عصبية له منهم ـ من صنوف العذاب وألوان البلاء ما تعجز الجبال الرواسى عن تحمله ، فما صرفهم ذلك عن دينهم وما تزعزعت عقيدتهم ، بل زادهم ذلك صلابة فى الحق ، وصمدوا صمود الأبطال مع قلتهم وفقرهم ، وما سمعنا أن أحداً منهم ارتدّ سخطاً عن دينه ، أو أغرته مغريات المشركين فى النكوص عنه ، وإنما كانوا كالذهب الإبريز لا تزيده النار إلا صفاء ونقاء ، وسنتكلم هنا على الجانبين التنظيرى والتطبيقى ، ونقصد بالتنظيرى ما ورد فى مصادر الإسلام (الكتاب والسنة) ، ونعنى بالتطبيقى ما حدث عبر القرون ابتداء من الحروب التى شارك فيها النبى صلى الله عليه وسلم ، وانتهاء بعصرنا الحاضر ، ثم نختم ببيان هذه النقاط الخمسة التى ذكرناها سابقاً. يتبع .... , والله ما رايت اعجب من النصارى كل المذابح التى حدثت فى العالم كانوا هم ابطالها فليذكر لى احد فى التاريخ مذبحة قام بها المسلمون مثل ما قام بة اتباع المحبة من مذابح يندى لها الجبين والذى اريد ان اوضحة لكل نصارى مصر من الذين يدعون ان الاسلام انتشر بالسيف انة هم انفسهم اكبر دليل على عكس ما يقولون فلو كان مثل ما يدعون والله ما بقى احد منهم ولكنهم اليوم 6 مليون فكيف بقوا الى الان لو كان الاسلام انتشر بالسيف وايضا لو نظرنا فى العالم لوجدنا ان نسبة العرب المسلمين الان بالنسبة لعدد معتنقى الاسلام فى العالم لا يتجاوز 20% والاخرون ما بين افارقة واسيوين واوروبين يدخلون كل يوم فى دين الله افواجا واليكم هذا الرابط الذى يوضح انتشار الاسلام من اقصى امريكا الاتينية الى افريقيا الى اسيا الى اوروبا http://www.crazy10.ektob.com/97191.html هل الذى ينشر دينة بالسيف يفعل مثل عمر بن الخطاب عندما ذهب الية مصرى من نصارى مصر يشتكية ابن الوالى عمرو بن العاص والله انى لاتعجب الا يسالون انفسهم ان النصارى فى ذلك الوقت كانوا يتمتعون بديموقراطية لا يتمتع بها احد سواهم فى زمنهم هذا يشتكى ابن الوالى فاتح مصر واحد من كبار الصحابة والقادة العسكريين اكان يستطيع فعل هذا فى زمن الرومان المسيحين لكنة فى الاسلام وبعد الفتح مباشرة يحدث هذا وكان رد امير المؤمنين مقولتة الشهيرة (متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)وامر بان يرد المصرى النصرانى الصفعة التى طربها لة ابن عمرو ابن العاص بل وامر بة ان يكشف صلعة عمرو ابن العاص فاذا بة يقول لا والله لقد اخذت حقى ممن فعل بى لكن عمر بن الخطاب يرد والله لو فعلت ما منعك احد اهذةة بالله عليكم اخلاق الغزاة فى حين ان اوروبا كانت بمسيحيتها فى قمة الوحشية كانت هذة اخلاق الاسلام هذة الاشياء هى التى نشرت الاسلام احبائى فى دين رسول الله وليس السيف وشكرا

  5. 5- احمد
    03:39:00 2010/08/16 مساءً

    الجهاد ماض الى قيام الساعة ولكن هناك فئة من العلماء يقومون بالتثبيط والتبطئة والتعويق مشابهة للمنافقين قال تعالى( وان منكم لمن ليبطئن) وقال تعالى ( قد يعلم الله المعوقين منكم) اخي المنصف راجع تفسير هاتان الايتان بتجرد لعل الله يفتح لك حقيقة الحرب على الجهاد وأهله اليوم

  6. 6- سارة
    05:44:00 2010/08/17 مساءً

    جزاك الله كل خير أخي على توضيحك ولعل الشيخ يوضح لنا أكثر وأشكرك على أخلاقك العالية.