تُعدّ "الجماعة الإسلامية " من أكبر الجماعات الإسلامية السنية في لبنان، ولها ثقل كبير في الشمال و بيروت و صيدا، و قد كان لوقع العدوان الإسرائيلي على لبنان أثر على استنفار كافة أذرعها في الحقول السياسية و الاجتماعية و حتى العسكرية، كما يكشف عن ذلك نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان السيد إبراهيم المصري الذي أكّد في حديثه لشبكة (الإسلام اليوم) أن الجماعة الإسلامية قد تعاونت مع حزب الله لطرد الاحتلال الإسرائيلي من لبنان، مشيراً إلى أن قوات مشتركة بين الجماعة الإسلامية وعناصر من حزب الله ـ وذلك قبل أن يتأسس الحزب ـ قد شاركوا في رد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، وأعلنوا سوياً تكوين المقاومة الإسلامية واستمروا باسم "قوات الفجر" .
وقال "المصري": إن "الجماعة الإسلامية " مستعدة لمواجهة إسرائيل عسكرياً فيما لو نزلت إلى مناطق إسلامية سنية، مرحباً في الوقت ذاته بسلاح حزب الله، و"بأي سلاح تحمله أي مقاومة في وجه العدو الإسرائيلي خاصّة".
المزيد من تفاصيل حديث نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية بلبنان في هذا الحوار:
بداية هل هناك دور عسكري للجماعة الإسلامية في هذه المعركة مع العدو الصهيوني؟
الجماعة الإسلامية تنظيم مدني يمارس العمل الدعوي و السياسي على الساحة اللبنانية, و قد كان يتحرك عسكرياً خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي، و ما تبعه من تداعيات. و بعد عام 1990 من القرن الماضي تابعت الجماعة أداءها في المناطق الجنوبية المحتلة, لذلك فإخواننا في القرى الحدودية يتعاونون و ينسقون مع حزب الله في إطار عمليات المقاومة و هم يقومون بدورهم هذا منذ سنوات لكن بدون أن يكون لنا مناطق معلنة محددة؛ لأن لبنان -كما يدرك الجميع- كان القرار السوري هو الذي يحدد من يحق له حمل السلاح، و من يطلق الصاروخ في هذه المنطقة أو تلك, و القرار السوري في ذلك الوقت بعد عام 2000 حدد حصرياً أن تكون عمليات المقاومة بحزب الله ليس ذلك احتكاراً طائفياً بالشيعة؛ لأنه حتى حركة أمل ما كانت تمتلك حرية الحركة في المقاومة. فمنذ ذلك التاريخ جرى التنسيق مع الحزب في هذا الإطار، و كانت لنا مجموعات و لا تزال تعمل بالتنسيق و التعاون مع المقاومة، و هي تتحرك في المناطق الإسلامية، فيما كان يُسمّى سابقاً بالشريط الحدودي؛ حيث تتواجد هناك سلسلة قرى إسلامية سنية في الشريط الحدودي بدءاً من منطقة الغرب على الساحل وقرى مروحين والبستان ويارين، ومجموعة قرى سنية في منطقة القطاع الأوسط مثل شبعا وكفر شوبا وجوارها، وللجماعة الإسلامية فيهما وجود دعوي، ولنا فيها مؤسسات وامتداد يؤدي دوره الشرعي والوطني في الدفاع عن هذه المناطق.
ما هو حجم هذه القوات؟ و هل هناك من يدعمها أو يمدها بالمال و السلاح؟
قضية الحجم ليست للنشر أو الإعلام، و لا أظن أحداً يتحدث عن حجمه العسكري في مثل هذا الوقت الذي نمر فيه. فقد شاركت القوات، كما كانت تسمى "قوات الفجر"، منذ العام 1982 عندما بدأ الغزو الإسرائيلي للبنان بعمليات مقاومة ضد الاحتلال مع عناصر حزب الله قبل تكوين هذا الحزب، وأعلنوا سوياً تكوين المقاومة الإسلامية واستمروا باسم قوات الفجر. أمّا قضية الدعم, فيتلقى الإخوان دعماً عسكرياً و لوجستياً من المقاومة الإسلامية، و هناك بعض المتبرعين يخصصون تبرعاتهم لدعم صمود هؤلاء في مناطقهم الحدودية من أجل تأكيد الحضور الإسلامي في تلك المناطق.
هل هناك نية أو توجه لإعلان الجهاد بشكل مفتوح و عام؟
القضية ليست قضية إعلان جهاد مفتوح؛ لأنّ القضية لا تستوعب مثل هذه العناوين. لكن فيما لو تقدّم العدو إلى مناطق إسلامية سنيّة؛ فالإخوة على أهبة الاستعداد عسكرياً، و جاهزون لمواجهة هذا العدو، و منعه من التقدم إلى أي منطقة يتواجدون فيها. و هذا لا ينحصر في مناطق الجنوب وحده، و إنما يمتد من الجنوب إلى أقاصي الشمال؛ لأننا نعتبر أن إسرائيل من الممكن لها أن تقدم على عملية إنزال في أي مكان كما حصل منذ عدة إيام في بعلبك، و لذلك فإن الواجب يقتضي الاستعداد لمواجهة مثل هذه المحاولات.
منذ أيام أُعلن عن تشكيل جبهة للعمل الاسلامي في لبنان, هل أنتم طرف فيها كجماعة إسلامية؟ و ما الهدف من إنشاء هذه الجبهة برأيكم؟ و ما هو دورها؟
الجبهة التي جرى الإعلان عنها تضم بعض القوى الإسلامية التي لها علاقات مع سوريا و إيران على الساحة اللبنانية, هؤلاء كانوا يتابعون اجتماعاتهم بالتنسيق مع دمشق بعد خروج القوات السورية من لبنان, و الجماعة الإسلامية دعيت للمشاركة في هذا التجمع لكنها أمسكت عن ذلك؛ لأننا نحرص على أن يبقى قرارنا السياسي حراً من أي مؤثرات جانبية سواء كانت إيرانية أم سورية. و قد عقدت هذه الجبهة لقاءً في بيروت منذ أيام , و عملت على تسيير مظاهرة بعد ذلك في طرابلس، وعلى أي حال, نحن ندعو لهؤلاء بالتوفيق و نمسك عن المشاركة معهم، و نتمنى أن يكون أي تحرك إسلامي في البلد محكوم بالضوابط الشرعية و بالضوابط الذاتية، و بما يحقق المصلحة الإسلامية العليا، و ليس مصالح الآخرين الذين يحاولون تجنيد بعض القوى الإسلامية على الساحة اللبنانية من أجل خدمة مشروعهم السياسي.
هل هناك دور للجماعة الإسلامية في عملية احتضان النازحين اللبنانيين من مختلف المناطق؟ و ما هي طبيعة العمل الاجتماعي الذي تقوم به في هذا الإطار حالياً؟
نعم هناك دور للجماعة الإسلامية، في عملية احتضان النازحين من مختلف المناطق اللبنانية, فقد دأبت الجماعة منذ سنوات طويلة على أن يكون لها أجنحة للعمل الاجتماعي, و قد شكلت الجماعة خلال الحرب اللبنانية الطويلة جمعيات خيريّة, اجتماعية, طبيّة و إغاثيّة, و لها مستوصفات نقّالة أيضاً كي تحاول سدّ حاجات الناس خلال فترة غياب الدولة في الحرب اللبنانية. لذلك, فنحن لم نُفاجأ بعملية النزوح التي حصلت في هذا العدوان الإسرائيلي على لبنان، و لا بقدوم أعداد كبيرة من النازحين إلى مناطقنا. و قد بادر إخواننا من الشمال إلى الجنوب إلى الاتصّال بهيئات الإغاثة العالمية و هيئة الإغاثة الرسمية اللبنانية من أجل أن يقوموا بدورهم إلى جانبنا في إسعاف النازحين و حسن رفادتهم و استقبالهم. و قد تمّ توفير أعداد كبيرة من الأغطية و الفرش و كميات من الوجبات و المواد الغذائية المعلّبة أو الساخنة من أجل توفيرها للنازحين، لاسيما في المناطق التي فتحتها الجماعة في مؤسساتها و مدارسها لاستقبال النازحين. و نرجو من خلال هذا الجهد أن نحول دون أن يُنكب هؤلاء النازحون في كرامتهم كما نُكبوا في منازلهم و أبنائهم و أحبائهم أولاً, و نحرص بدرجة ثانية على توفير جو من التعاون الإسلامي حتى لا يتأذى النازحون إذا كانوا ينتمون إلى طائفة دون أخرى حتى لا يكونوا مشردين.
هل هناك من طرح معين تتبنونه في حال الاتفاق على تواجد قوات دولية على الحدود اللبنانية في الجنوب؟ و ما هو مستقبل المقاومة في هذه الحالة؟
موضوع القوات الدولية مطروح الآن في كواليس مجلس الأمن. و هذه قضية تحتاج إلى بحث كثير، و إلى توفير تفاهم عليها سواء مع الحكومة اللبنانية أو الحزب. و طبعاً هناك طرح آخر، و هو الطرح الإسرائيلي الذي يحاول فرض شروط على لبنان من خلال سيطرة الولايات المتّحدة الأمريكية على مجلس الأمن.
أمّا بالنسبة إلى الجانب الآخر من السؤال، و المتعلق بمستقبل المقاومة في الجنوب اللبناني, فأعتقد أنّه من السابق لأوانه الحديث عن طبيعة المرحلة المقبلة و القادمة, هل ستنتشر قوات دولية؟ هل ستكون رادعة؟ هل سيتم نشر الجيش اللبناني؟ هل ستلتزم المقاومة بمغادرة مواقعها في المنطقة؟ هذا ما سيترك للمرحلة القادمة, و أحسب أنّ طاولة الحوارالوطني في بيروت ستشهد نقاشات حادة لمثل هذه العناوين.
ما هي طبيعة مشاركتكم في المرحلة اللاحقة؟ و ما هو موقفكم من سلاح حزب الله بعد انتهاء هذه المعركة بغض النظر عن نتيجتها و تداعياتها؟
مشاركتنا في المرحلة المقبلة مرهونة بطبيعة المرحلة القادمة, و قد جرى بحث ذلك مع حزب الله منذ زمن للوصول إلى صيغة تمثل مشاركة كل القوى الحيّة، و على رأسها القوى الإسلامية حتى لا تكون هذه المقاومة ذات طابع حزبي أو طائفي أو مذهبي معيّن, و حتى يشعر الجميع بأنّهم ممثَّلون فيها و معنيون بمستقبلها.
أمّا عن قضية سلاح حزب الله, فنحن نرحب بأي سلاح تحمله أي مقاومة في وجه العدو الإسرائيلي خاصّة، و إنّ تجربة النظام العربي في مواجهة إسرائيل هي تجربة فاشلة و مخيّبة للآمال، خاصّة وأنّ الجيوش العربية للأسف الشديد تكتفي أن تكون مجرد حرس حدود للعدو الإسرائيلي. و الجبهة الوحيدة التي تمثل حيوية في مواجهة العدو هي الجبهة اللبنانية, فجبهة الحدود اللبنانية تمتاز بذلك؛ لأنها شهدت ولادة مقاومة حرّة بعيدة عن الوصاية الحكومية مهما أحسنّا الظن بالحكومات؛ لأنّ منطق الحكومات العربية, الدولة العربية, و النظام العربي يتناقض مع منطق المقاومة الذي أثبت جدواه و نجاعته في مواجهة الأطماع الصهيونية حتى لا تكون الحدود العربية و الأراضي العربية و الحقوق العربية لقمة سائغة للعدو في أي وقت.